الإشراف في صناعة البناء على الالتزام بمبادئ السلامة وفق لوائح منظمة النظام الهندسي للبناء
بقلم: المهندس سعید تواره
عضو نظام المهندسين للبناء، مشرف على مشاريع الأبراج العالية، وعضو هيئة الرقابة في جمعية مديري المراكز المعرفية والنخب الوطنية
المقدّمة
تُعَدُّ صناعة البناء من أكثر الصناعات خطورة، حيث تحتلّ السلامة فيها مكانة خاصة. إن الالتزام بقواعد السلامة لا يضمن فقط حماية الأرواح، بل يساهم أيضاً في تقليل الخسائر المالية وزيادة العمر الافتراضي للمباني. وفي هذا السياق، يلعب الإشراف الفني المتخصص والدقيق، ولاسيما وفق لوائح وأنظمة نظام المهندسين للبناء، دوراً محورياً في ضمان أمان الهياكل الإنشائية. يتناول هذا المقال أهمية ودور الإشراف في تطبيق معايير السلامة في صناعة البناء.
- أهمية الإشراف في صناعة البناء
يقصد بالإشراف في المشاريع الإنشائية المتابعة الدقيقة والمستمرة لمراحل التنفيذ بهدف التأكد من مطابقة العمليات والمواد للمخططات واللوائح والمعايير.
السلامة البشرية والمالية: تقليل الحوادث التي قد تهدد حياة العمال والمقيمين.
ضمان جودة التنفيذ: التحقق من التزام التنفيذ بالمبادئ الفنية والهندسية.
خفض التكاليف: كشف الأخطاء التنفيذية مبكراً لتجنب إعادة العمل أو الخسائر المالية.
حماية رأس المال الوطني: فالمباني التي تُشيَّد بإشراف منضبط تتمتع بعمر أطول وتتفادى التدهور المبكر.
- لوائح نظام المهندسين للبناء في مجال السلامة
يضع نظام المهندسين لوائح دقيقة لضمان السلامة في مواقع البناء، ومن أبرزها:
سلامة موقع العمل:
إلزام العمال باستخدام معدات الحماية (خوذة، قفازات، أحزمة أمان).
تركيب السقالات والمصاعد وفق معايير السلامة.
وضع لافتات تحذيرية في أماكن العمل.
السلامة الإنشائية:
تصميم الهياكل وفق الأكواد الزلزالية ومعايير الأحمال ومقاومة المواد.
فحص جودة مواد البناء والتأكد من اعتمادها رسمياً.
المراقبة المستمرة لمراحل التنفيذ من قبل المشرفين.
السلامة من الحرائق:
استخدام مواد مقاومة للحريق في الجدران والأسقف والأنظمة الميكانيكية.
تركيب أنظمة إطفاء الحريق.
توفير مخارج طوارئ وتهوية مناسبة للحالات الحرجة.
سلامة التجهيزات والمرافق:
الالتزام بالمعايير القياسية في تركيب الأنظمة الكهربائية والميكانيكية.
استخدام معدات حاصلة على شهادات أمان وتركيبها تحت إشراف مختصين.
- دور المشرف في ضمان سلامة المشاريع
يُعتبر المشرف الإنشائي ممثلاً فنياً لنظام المهندسين، ويتولى مسؤولية مراقبة جميع مراحل التنفيذ. وتشمل مهامه الرئيسية:
مراجعة المخططات والمستندات الفنية: للتأكد من مطابقة التصميم لمعايير السلامة.
فحص مواد البناء: التحقق من جودة المواد ومطابقتها للمواصفات.
متابعة التنفيذ: التواجد المستمر في موقع العمل لمراقبة مراحل البناء.
التقارير الرسمية: توثيق المخالفات أو النواقص ورفعها للجهات المختصة.
التأكيد على التوعية بالسلامة: متابعة تدريب العمال والمقاولين على قواعد الأمان.
- التحديات التي تواجه الإشراف على السلامة
رغم وجود اللوائح والقوانين، تواجه عملية الإشراف تحديات عدة، من أبرزها:
نقص المشرفين المتخصصين: قلة عدد الكفاءات الملمة بالأنظمة.
ضعف وعي المقاولين والعمال: جهل العديد منهم بمعايير السلامة.
قلة تجهيزات الأمان في الورش: ارتفاع كلفة معدات الحماية يؤدي إلى إهمال استخدامها.
عدم تطبيق القوانين: أحياناً لا تُنفّذ القوانين بسبب ضعف الرقابة أو الضغوط الاقتصادية.
- حلول لتعزيز الإشراف على السلامة
لرفع مستوى الإشراف وتحسين الالتزام بمعايير السلامة، يمكن اتباع ما يلي:
زيادة التدريب والتوعية: تنظيم دورات للمقاولين والعمال والمشرفين.
تعزيز أنظمة الرقابة: تطوير منصات ذكية لمتابعة المشاريع بدقة.
توسيع قاعدة المشرفين المتخصصين: استقطاب وتدريب مزيد من المهندسين.
تشجيع الالتزام بالسلامة: منح حوافز مثل تخفيضات ضريبية أو امتيازات خاصة للمقاولين الملتزمين.
فرض غرامات صارمة: معاقبة المخالفات الكبيرة في مجال السلامة.
- دور التكنولوجيا في الإشراف على السلامة
يمكن للتقنيات الحديثة أن تساهم في رفع كفاءة الإشراف، مثل:
نمذجة معلومات البناء (BIM): محاكاة المشروع ورصد المخاطر قبل التنفيذ.
الحساسات الذكية: مراقبة فورية لأوضاع الهيكل وتحديد النقاط الخطرة.
تطبيقات المراقبة: أدوات للإبلاغ وإدارة جوانب السلامة داخل مواقع العمل.
الخاتمة
يُعد الإشراف في صناعة البناء، خصوصاً في مجال السلامة، من أهم مسؤوليات المهندسين والمشرفين. إن التطبيق الدقيق للوائح نظام المهندسين للبناء لا يرفع مستوى الأمان وجودة المشاريع فحسب، بل يمنع أيضاً وقوع الحوادث والخسائر البشرية والمالية. ومن خلال تعزيز الإشراف، تكثيف التدريب، واستخدام التقنيات الحديثة، يمكن تحقيق معايير سلامة أعلى وضمان مستقبل أكثر أماناً لصناعة البناء.
.
